مديرية جرمانا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الحزب السوري القومي الإجتماعي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ذكرى الوطن والأهل بقلم أنطون سعاده

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البيك




عدد الرسائل : 232
العمر : 34
البلد : لبنان.الجنوب
العمل في المديرية : غير مذكور
تاريخ التسجيل : 05/06/2008

ذكرى الوطن والأهل بقلم أنطون سعاده Empty
مُساهمةموضوع: ذكرى الوطن والأهل بقلم أنطون سعاده   ذكرى الوطن والأهل بقلم أنطون سعاده 2w50bquالثلاثاء يونيو 17, 2008 8:17 pm

سلام على الوطن الحيّ اذا كان الوطن حيّا"





سلام على الوطن الميت اذا كان الوطن ميتا"



سلام على الأهل أحياء"



سلام على الأهل أمواتا







سلام
على ربوع أبصرت فيها نور الحياة للمرّة الأولى - ربوع في ظلال خمائلها
نموت، وتحت سمائها ترعرت- ربوع تشربت نفسي أنفاسها فأحببتها من كل قلبي
ومن كل جوارحي- ربوع فارقتها مفارقا" فيها آمالا" هي شطر من نفسي، وقسم من
حياتي- ربوع تركت بين هضباتها وأوديتها دمعات وابتسامات، وتركت بقلبي
غصّات أليمات.








سلام
امتزجت عباراته بالعبرات، وتمازجت ألفاظه بالزّفرات، ترجّعه النّفس مع
تموّجات النّسيم تأوّهات، وتصّعده الرّوح بين طيّات الأثير تنهّدات.








وهل تخبّىء الغربة للغريب غير غصّات الذّكرى وآنّات الحنين؟







ولكن هل كلّ بعيد عن وطنه غريب؟ وهل كلّ غريب مشتاق؟







يستوطن النّاس غريب الأوطان وليس لي الاّ وطن.







تلك
الرياض ألا تزال زاهرة؟ نلك المنازل ألا تزال عامرة؟ تلك المياه ألا تزال
جارية؟ تلك المناهل ألا تزال متدفقة؟ تلك الأنهر ألا تزال متفجرة؟ والأهل..




هل لا يزالون في النعيم رافلين أو خانهم القدر فأصبحوا بالمذلة متسربلين، وفي القبور المظلمة الرهيبة ثاوين؟







ماتوا!- ماتوا جاثين على ركبهم يضرعون الى الموت بقلوب ليخلّصهم من الحياة!







ماتوا بعد أن أماتهم الشقاء مرّات.







ماتوا وقلوبهم سوداء كالفحم وألسنتهم جافة كالحطب.







ذووا
وسقطوا كثمر قبل أوانه، وكأوراق الخريف ارتعشوا. واذ قضوا وفي نفوسهم من
جور الانسان على الانسان ما حارت العقول، وعجزت عن ادراكه الأذهان.








دهبوا - ذهبوا من شيوخ وعجائز وفتيان وعذارى - كلهم وكلهم بريء. لم يرتكبوا سوءا" ولم يتحدثوا بالشر.







ذهبوا حاملين من الدنيا آلاما" وأوجاعا". رقدوا وضمّتهم أرض الوطن الذي أحبوه حتى الموت. فليرقدوا بسلام.







تلك مأساة تاريخية مثّل فيها الجور دوره أيّما تمثيل . تلك مجانيّة لوجه الله تعالى. وان من الأمور المجانيّة في العالم فاجعات.







أجل
يا أخي هكذا شاء القدر وهكذا كان. ولم يبق لنا من آثار تلك المأساة غير
قبور صامتة يحرسها الموت الرهيب، وتظللها رهبة الأبدية! فمن أين للبشر أن
يزيلوا قناع الموت عن أسرار القبور؟








لو أتيح لك الوقوف على تلك الأسرار لفقهت حينئذ كيف يكون شقاء الأوطان وجور الانسان على الانسان.







القبور
صامتة لا تتكلم، ولكن الآثار تدلّ على الشقاء الذي قاساه الأهل في الحياة.
فاذهب يا أخي الى الآثار، الى المنازل المتهدّمة، والبيوت الخاوية. سائل
الأطمار البالية وسائر البقية الباقية، وهي تطلعك على بعض الحقيقة الجارحة.








أما
أنا وأنت، يا أخي، فقد تركنا الوطن، وهجرنا الأهل، وضربنا في مجاهل الأرض
كلّ مضرب، على أمل أن نعمل على اعلاء الوطن واحياء الأهل.








سرنا وجددنا في السّير، بعد أن ملأنا صدور الأهل آمالا". وكان حبّ الوطن يزيدنا نشاطا" ومحبّة الأهل تزيدنا قوّة.







سرنا ورابطة الوطنية تجمع بيننا، وروح الأخوة يوحّد مساعينا. فما بالي الآن أرى أن الغربة تضع بيني وبينك حاجزا" صلبا" . فلا أنت معي ، ولا أنا معك . لا تشعر بما بي، ولا أشعر بما بك.







سرت
أنا وكنت التفت الى الوراء حيث تركت قوما" هم لحم من لحمي، ودم من دمي.
أمّا أنت فلا تزال مجدّا" في سيرك كأنه لم يعد هناك ما يهمّك الالتفات
اليه. ذلّ الوطن ومات الأهل، وأنت لا تزال مجدّا" في سيرك، لا تلتفت الى
الوراء. فهل يا ترى انقلبت المحبّة التي في قلبك الى بغض أم تغيرت غاياتك
من الوطنية الى الأنانية، ولم تعد تبالي بالوطن وأهله.








اذا
كان الأمر كذلك فاذهب في سبيلك وسر في أنانيتك. فخلاص الوطن يأتي على غير
يدك. أمّا أنا فأذهب في سبيلي، وأسير في وطنيتي، وأدير وجهي نحو الوطن
الذي يحتاجني وأحتاجه، وكما نادى حزقيال الرياح الأربع لتأتي وتكسو العظام
الجّافة عصبا" ودما"، كذلك أدعوها لتكسو عظام بني قومي الرّميم. وكما
تحركت تلك العظام واكتست لحما" وعصبا"، وانتصب الميت، على قدميه، رجلا"
حيا"، كذلك سوف تتحرك عظام وطني، وتكتسي لحما" وعصبا"، فينتصب على قدميه،
ويقطن بين الأوطان الحيّة.








بيد
أنني اذا كنت قد طلبت منك مرّة ومرّات أن تضع يدك في يدي فليس لأجلي بل
لأجلك أنت، ولأجل الوطن، والبقيّة الباقية من الأهل التي لا تزال تتبعنا
بنواظرها من وراء البحار منتظرة" منّا فرّجا".








اذهب في سبيلك، ودعني أذهب في سبيلي. فالوطن ينتظرني، والأهل يترقبونني. اذهب ولا تعد اليّ الاّ وقد غيّرت ما بنفسك.







أما أنا فثابت في محبّتي لوطني، ومقيم على عهدي لأهلي أحياء كانوا أم أمواتا" الى النهاية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ذكرى الوطن والأهل بقلم أنطون سعاده
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مديرية جرمانا :: الحزب السوري القومي الإجتماعي :: الزعيم-
انتقل الى: