البيك
عدد الرسائل : 232 العمر : 34 البلد : لبنان.الجنوب العمل في المديرية : غير مذكور تاريخ التسجيل : 05/06/2008
| موضوع: كيف واجه الرفقاء محسن نزهة، جبران الأطرش وديب كردية حكم الإعدام بحقهم الجمعة يونيو 13, 2008 5:34 pm | |
| عندما طلبونا لابلاغنا احكام الاعدام، اعدت لنا السلطات عشر سيارات اسعاف واكثر من عشرين ممرضا وممرضة على اساس اننا فور تلقينا احكام الاعدام سيغمى على عدد كبير منا . اعترض اميل ابو الخير على الاحكام قائلا انها لم تصدر باسم الشعب اللبناني ، ومع ذلك واصلوا تلاوة الاحكام . ولما بدأ بقراءة اسماء المحكومين بالاعدام ، اشعلنا سجائرنا ورحنا نتبادل النكات والطرائف مما اجبرهم على قطع البث التلفزيوني .
رجعنا الى السجن بعد تلقي الاحكام ، كانت غرفتنا تضم ثلاثة محكومين بالاعدام هم الرفيقين محسن نزهة (1) وجبران الاطرش وانا .
كان الحرس قد وضع لنا الطعام قبل وصولنا لكن احدا لم يقترب منه . غير اني بادرتهم بالقول " هيا الى الاكل ، لا يجوز ان نبقى دون عشاء " ، فتقدم الجميع وامضينا تلك الليلة بالغناء والاناشيد ، اطل رقيب اول دركي اسمه عاصي مستغرباً وقال : " انتم محكومون بالاعدام وستموتون " اجبته : " الموت عندنا له فرحة خاصة كما ترى ... " فمضى لا يلوي على شيء بعد ان اغلق الابواب والشبابيك ، غير انه عاد بعد قليل وفتحها كلها .
في صبيحة اليوم التالي جاء الدركي احمد صالح ، وهو من بريتال ومتزوج ديبة جعفر وهي من النبي عثمان ، وانزلنا انا ومحسن نزهة الى الباحة في محاولة لاذلالنا .
شاهده النقيب نصرالله من الشعبة الثانية ، فنادى عليه وطلب منه احضارنا معه . قال الضابط لاحمد صالح :" كان يجب ان تكون رجلا عندما انزلوكم بالبيجامات من ثكناتكم . كل واحد من هؤلاء يساوي نصف البلاد " ، وامر له بعقوبة ستة ايام سجن .
ولما وزعوا المحكومين بالاعدام على الغرف الانفرادية ، كان نصيبي مع الامناء محمد البعلبكي وشوقي خيرالله وبشير عبيد . وفي الغرفة المجاورة العقيد فؤاد لحود وتفصلنا عنه طاقة مقطعة بأربعة قضبان حديد . وبعد اربعة ايام حانت مناسبة الثامن من تموز ، ذكرى استشهاد الزعيم ، فابلغت القيادة جميع الرفقاء بضرورة الاحتفال بهذه المناسبة . وعند الغروب وقف جميع القوميين بلباسهم الكامل في غرفهم مما ارعب الشرطي دعبول الذي ركض الى النقيب بزّي قائلا ان فصائل القوميين مستنفرة ، فطلب عدم التدخل ابدا لانه كان يعرف اهمية هذه المناسبة للقوميين .
القى الامين البعلبكي كلمة في ذلك المساء ، وكان من الطبيعي ان تلقى كلمة اخرى عند الفجر ساعة اعدام الزعيم . اقترحت ان يلقي عميد الدفاع الامين بشير عبيد الكلمة الذي اقترح الامين شوقي خيرالله ، الذي عاد ليصرّ عليّ بان اقول ما اشاء في هذه المناسبة . وقفنا استعدادا عند الثالثة فجراً ، وخاطبت الزعيم مباشرة لاننا كنا على مقربة من الضريح ، قلت " يا زعيمي ، ها نحن على مقربة منك ، قافلة جديدة تتجه نحو الموت حيث علمتنا ان الموت هو طريق الحياة " . انهيت كلمتي والتفت الى الخلف ، فرأيت فؤاد لحود والدموع تجري على خديه .
تأثرت بهذا المشهد وهذه المناسبة بشكل لا يوصف ، سألت الشباب ان كان مع احدهم قلم فوجدت مع الامين شوقي جزءا من قلم رصاص صغير غير مبري ، بريته على الباطون واستخدمت كرتونة كانوا احضروا لنا فيها بعض
الطعام وكتبت قصيدة بعنوان " الوصية " موجهة الى اولادي كنوع من رد التحدي على ما نلناه من عذاب ، وقد سبق ان قلت للنائب العام اننا لم نكن في تحقيق قضائي وانما في ميدان روما ... غير انهم في روما اطلقوا وحوشا ضارية على تلامذة المسيح اما في بيروت فقد اطلقوا وحوشاً ضارية على تلامذة سعاده . تقول القصيدة :
تموز شهر البطولة وراية الاحرار
علّمت جيل جديد في مجدك ينادي
ثماني بشهرك واول يوم في اذار
بتطلع ولادة شعب مع مولد الفادي
وكلّما الواجب دعانا تنجابه الاخطار
منحطّم الشر مهما كان متمادي
بتزحف غابات الاسنة حاملين اشعار
اربع زوايا حمر تتحرّر بلادي
وايقاع سير الخطى عا رنّة المزمار
بنفوس شعلة رجولة واثبة تفادي
ابطال يوم الوغى ما تراجعوا مقدار
ذرة ومعهن حساب الموت زوادي
متمنطقين بحزم سودا على الزنار
هذا لباس الحزب من عادة بلادي
والطفل فينا صرنا نعمّدوا بالنار
هيدي لخير الوطن من افضل عمادي
يا حسين (*) خبّر علي (*) عا وعيتك شو صار
وتعلّموا الموت تيصير الموت عادي
وخياتك الكل علّمهن على الاخطار
وكلمة شو نفع البنت عيب وعار هالعادة
وقلّو لخيك سعاده (*) ما بقيتو زغار
انتو شبال العقيدة وجيلها الغادي
والفقر والعوز للانسان ما هو عار
عار التراجع عن البنيان لبلادي
هيدي وصيتي ان تنفذ حكم هالجزار
هبوا احملوها جعلوها دين وعبادة
قولوا لاهل المصالح لا يزتّو حجار
في درب نهضة رمت شلقات عالوادي
سيروا عا هذا النهج وما تغيّروا الافكار
هيدي الطريق القويم الخطّها سعاده .
* الرفقاء ابناء الامين ديب كردية .
أخذ هذا المقطع من كتاب " قسمي ..وصيتي " ، للامين - القدوة ، المناضل الفذ ، ديب كردية غني بالمعلومات وبالمآثر ، وجدير بأن يقرأ . في الصفحة 73 يتحدث الامين ديب كيف واجه والرفقاء الحكم بالاعدام ببطولة ورباطة جأش ادهشت الدركيين انما لا تدهشنا نحن العارفون بما عليه رفقاؤنا من تجسيد لفضائل الالتزام القومي الاجتماعي | |
|